الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فهذا وجه لقوله: إلياسينَ. وإن شئت ذهبت بإلياسين إلى أن تجعله جمعًا. فتجعَل أصحابه داخلين في اسمه، كما تقول للقوم رئيسُهم المُهَلّب: قد جاءتكم المهالبة والمهلَّبون، فيكون بمنزلة قوله: الأشعرِين والسَّعْدِين وشبهه. قال الشاعر:
وهو في الاثنين أكثر: أن يضمّ أحدهما إلى صَاحبه إذا كان أَشهر منه اسمًا؛ كقول الشاعر: واسم أحدهما زَهْدَم. وقال الآخر: واسم أحدهما أَعور:وقد قرأ بعضهم {وَإنّ اليَأْسَ} يجعَل اسْمَه يَأسًا، أدخل عَليه الألف واللام. ثم يقرءون {سَلاَمٌ عَلَى آل يَاسِينَ} جَاء التفسير في تفسير الكلبىّ عَلى آل ياسينَ: عَلى آلِ محمد صلى الله عليه وسلم. والأوّل أشبه بالصَّواب- والله أعلم- لأنها في قراءة عبد الله {وَإِنَّ إِدْرِيسَ لَمِنَ المرسَلينَ} {سَلاَمٌ عَلى إِدْراسِين} وقد يَشهد عَلى صَوَاب هَذَا قوله: {وَشَجَرَةً تُخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ} ثم قَالَ في موضع آخر {وَطُورِ سِينِينَ} وهو معنىً واحدٌ وموضع واحدٌ والله أعلم.{إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}.وقوله: {الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}.السَّفينة إذا جُهزّت وملئت وَقعَ عَليهَا هَذا الاسم. والفُلْك يذكَّر ويؤنّث ويُذهب بهَا إلى الجمع؛ قال الله {حَتَّى إذَا كُنْتُمْ في الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} فجعلها جمعًا. هو بمنزلة الطفل يكون واحدًا وجَمعًا، والضيفُ والبَشَر مثله.{فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}.وقوله: {الْمُدْحَضِينَ}.المغلوبين. يقال: أدحض الله حُجَّتك فَدحَضتْ. وهوَ في الأصْل أنْ يَزْلَق الرَّجُل.{فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}.وقوله: {وَهُوَ مُلِيمٌ}.وهو الذي قد اكتسَبَ اللَوْم وإن لم يُلَمْ. والملوم الذي قد لِيم باللسَان. وهو مثل قول العرب أصبَحتَ مُحْمِقًا مُعْطِشًا أي عندَكَ الحمق والعَطَش. وهو كثير في الكلام.{وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ}.وقوله: {مِّن يَقْطِينٍ}.قيل عند ابن عباسٍ: هو ورق القَرْع. فقال: وَمَا جَعَل ورق القَرْع من بين الشجر يقطينًا! كل وَرَقةٍ اتسعَتْ وسَترت فهى يَقْطين.{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}.وقوله: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}.أو هَا هنا في مَعنى بل. كذلك في التفسير مع صحّته في العربيَّة.{فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}.وقوله: {فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}.وفى قراءة عبد الله {فمتّعناهم حَتَّى حِين} وحَتى وإلَى في الغاياتِ مع الأسْمَاءِ سواء.{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ}.وقوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ}.أى سَلهم سَلْ أهل مَكّة.{وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}.وقوله: {لَكَاذِبُونَ}.{أَصْطَفَى}.استفهام وفيه توبيخ لهم. وقد تُطرح ألف الاستفهام من التوبيخ. ومثله قوله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ} يُستفهم بهَا ولا يستفهم. ومعناهمَا جميعًا واحِد. وألف اصْطفى إذا لم يُستفهم بها تذهب في اتّصَال الكلام، وتبتدئها بالكسر.{وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}.وقوله: {وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا}.يقال: الجِنّة هَا هُنَا الملاَئِكة. جَعَلوا بينه وبين خَلْقه نَسَبًا.{وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ} أنّ الذين قالوا هَذَا القول {مُحْضَرُونَ} في النارِ.{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ}.وقوله: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ}.يريد: وآلهتكم التي تعْبُدون {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} بمضِلِّينَ.{مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ}.وقوله: {مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ}.أى على ذلكَ الدِين بمضلّين. وقوله: {عَلَيه} و{بِهِ} و{لَهُ} سواء. وأهل نجدٍ يقولون: بمفْتِنِينَ. أهْل الحجاز فتنت الرجل، وأَهل نجدٍ يقولون: أفتنتهُ.{إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ}.وقوله: {إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ}.إلاّ مَن قُدّر له أن يَصْلَى الجحِيم في السَّابق من علم الله. وقرأ الحَسن {إلاَّ مَنْ هو صَالُ الجحيم} رفَعَ اللام فيمَا ذكروا فإن كان أراد واحدًا فليسَ بجَائِز لأنك لا تقول: هَذا قاضٌ ولا رامٌ. وإن يكن عَرَف فيها لغة مقلوبةً مثل عاثَ وعثا فهو صَوَاب. قد قالت العرب. جُرُفٌ هَارٌ وهَارٍ وهو شاكُ السّلاح ا وشاكِى السّلاح وأنشدنى بعضهم: يريد: عائِق. فهذا ممّا قُلِب. ومنه {ولاَ تَعْثوا} ولا تعِيثوا لغتان. وقد يكون أن تجعَل {صَالو} جمعًا؛ كما تقول: من الرجال مَنْ هو إخوتك، تذهب بهو إلى الاسم المجهول، وتُخرج فعله عَلى الجمع؛ كما قال الشاعر: ولم يقل تكلّمُوا. وأجود ذلك في العربيَّة إذا أَخْرَجت الكناية أَن تخرجها عَلى المعْنى والعدد؛ لأنك تنوى تحقيق الاسم.{وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ}.وقوله: {وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ}.هذا من قول الملائِكة. إلى قوله: {وَإِنَّا لَنَحْنُ المسَبِّحُونَ} يريد: {المصَلُّونَ} وفى قراءة عبد الله {وإن كُلَّنا لمَّا له مقام معلوم}.وفى مريم {إنْ كُلُّ مَنْ في السّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَمَّا أَتَى الرَّحْمَنَ عَبْدًا} وَمَعنى إن ضربت لَزيدًا كمعنى قولكَ: ما ضربت إلا زيدًا، لذلكَ ذَكرتُ هَذا.{وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ}.وقوله: {وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ}.يعنى أهل مَكَّة {لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأَوَّلينَ} يقول: كتابًا أو نُبُوَّةً {لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ}.{فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.قال الله: {فَكَفَرُواْ بِهِ}.والمعْنى: وقد أُرسل إليهم محَّمد بالقرآن، فكفَروا به. وهو مضمر لم يُذكر؛ لأن مَعناهُ معروف؛ مثل قوله: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} ثم قال: {فمَاذَا تَأْمُرُونَ} فوصل قول فرعون بقولهم؛ لأنَّ المعْنَى بيّن.{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ}.وقوله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا}.التى سبَقت لهم السعادة. وهى في قراءة عبد الله {ولقد سبقت كلمتنا عَلى عبادنا المرسَلين} وعلى تصلح في موضع اللام؛ لأنَّ مَعْنَاهُمَا يرجع إلى شيء وَاحِدٍ. وكأن المعْنَى: حَقّت عليهم ولهم، كما قال: {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَان} ومعناه: في مُلْك سُليمَان. فكما أوحِى بَين في وَعَلَى إذَا اتّفقَ المعنى فكذلك فُعِل هذا.وقوله: {فإذَا نَزَل بِسَاحَتِهِمْ} معنَاهُ: بهم. والعرب تجتزئ بالسَّاحَة والعَقوة مِن القوم. ومعناهما وَاحِدٌ: نزل بك العذاب وبسَاحتك سوَاء.وقوله: {فسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ} يريد: بئس صَبَاحُ. وهى في قراءة عبد الله {فبئس صَبَاح المُنْذِرِين} وفى قراءة عبد الله آذنتكم بإذانة المرسلينَ لتسألنَّ عن هذا النبأ العَظيم، قيل له إنما هي واذنت لكم فقال هكذا عندى. اهـ.
{أم من خلقنا} (11) أي: من السماء والأرض والجبال. وقيل: من الملائكة. وقيل: من الأمم الماضية الذين أهلكوا.{لازب} لاصق لازق، وبينهما فرق، فاللاصق الذي يلصق بعضه ببعض، واللازق: الذي يلزق بما أصابه. وقيل: لازب لازم. فالأربعة الألفاظ متقاربة.قال النابغة: {يستسخرون} يستدعون السخرية. وقيل: ينسبون الآيات إلى السخرية، كما تقول: استحسنته واستقبحته إذا وصفته بهما.{داخرون} (18) أذلاء صاغرون.{وأزواجهم} (22) أشباههم، يحشر صاحب الزنا مع صاحب الزنا وصاحب الخمر مع صاحب الخمر.{فاهدوهم إلى صراط الجحيم} (23) دلوهم. قال ابن كيسان: قدموهم، والهادي: السابق. والهادية: العنق، وهاديات الوحش: أوائلها. قال امرؤ القيس: {وقفوهم} احبسوهم، لازم ومتعد، قال الأعرابي: {تأتوننا عن اليمين} تقهروننا بالقوة. قال الشماخ: وقال الحسن: اليمين مثل الدين، أي: تأتوننا من قبله، فتصدوننا عنه.{رزق معلوم} (41) لأن النفس إلى المعلوم منه اسكن. كما قال سلمان: النفس إذا أحرزت قوتها اطمأنت.{بكأس من معين} تسمية الخمر بالمعين على معاني تسمية الماء:- إما من ظهورها للعين.- أو لامتداد العين بها لطول اتصالها، أو عدم انقطاعها.- أو لشدة جريها، من الإمعان في السير.- أو لكثرتها، من المعن، وهو الشيء الكثير، ومنه الماعون لكثرة الانتفاع به.{لا فيها غول} أي: أذى وغائلة. وقيل: لا تغتال عقولهم. كما قال: {لا ينزفون} بكسر الزاي، أي: لا يسكرون، لئلا يقل حظهم من النعيم واللذات. قال الأبيرد الرياحي: وقيل: لا ينفد شرابهم، ولا يعل عقولهم من باب أقل وأعسر وأفنى وأنفد، من نزفت الركية إذا استخرجت جميع مائها. ولا ينزفون بفتح الزاي على بناء الفعل للمفعول من هذا. ويقال منه: نزف الرجل فهو نزيف ومنزوف. وفي الأول نزيف لا غير. قال المخزومي:
|